والذين يَجْتَنِبون وهم يَغْفِرون، عَطَفَ اسميةً على فعليةٍ. ويجوزُ أَنْ يكون «هم» توكيداً للفاعل في قوله: «غَضِبوا»، وعلى هذا فيَغْفِرون جوابُ الشرطِ. وقال أبو البقاء: «هم مبتدأٌ ويَغْفِرون الخبرُ، والجملةُ جوابُ إذا» وهذا غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّه لو كان جواباً ل «إذا» لاقترن بالفاء. تقول: «إذا جاء زيدٌ فعمروٌ منطلق» ولا يجوز: «عمروٌ ينطلق» وقيل: «هم» مرفوع بفعلٍ مقدرٍ يُفَسِّره «يَغْفِرون» بعده، ولَمَّا حُذِفَ الفعلُ انفصلَ الضميرُ ولم يَسْتَبْعِدْه الشيخُ. وقال: «ينبغي أَنْ يجوزَ ذلك في مذهبِ سيبويه؛ لأنه أجازَه في الأداةِ الجازمةِ، تقول:» إنْ يَنْطَلِقْ، زيدٌ يَنْطَلِق «تقديرُه: ينطلِقْ زيدٌ ينطلِقْ. ف» ينطلقْ «واقعٌ جواباً، ومع ذلك فَسَّر الفعلَ فكذلك هذا، وأيضاً فذلك/ جائزٌ في فعلِ الشرطِ بعدَها نحو: ﴿إِذَا السمآء انشقت﴾ [الانشقاق: ١] فليَجُزْ في جوابِها أيضاً».
قوله: ﴿هُمْ يَنتَصِرُونَ﴾ : كقولِه ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ سواءً ويجيْء فيه ما تقدَّم. إلاَّ أنَّه يزيدُ هنا أنه يجوزُ أَنْ يكونَ «هم» توكيداً للضميرِ المنصوبِ في «أصابَهم» أكَّد بالضميرِ المرفوعِ وليس فيه إلاَّ الفصلُ بين المؤكَّدِ والمؤكِّد بالفاعلِ. والظاهر أنَّه غيرُ ممنوعٍ.
قوله: ﴿وَلَمَنِ انتصر﴾ : هذه لامُ الابتداءِ. وجعلها الحوفي وابنُ عطيَّة للقسم. وليس بجيدٍ إذا جَعَلْنا «مَنْ» شرطيةً كما سيأتي؛ لأنه كان ينبغي أَنْ يُجابَ السابِقُ، وهنا لم يُجَبْ إلاَّ الشرطُ. و «مَنْ» يجوزُ أَنْ