الثالث: أنَّه عطفٌ على معنى «وَحْياً» فإنَّه مصدرٌ مقدَّرٌ ب «أنْ» والفعلِ. والتقديرُ: إلاَّ بأَنْ يوحيَ إليه أو بأَنْ يُرْسِلَ، ذكره مكي وأبو البقاء.
وقوله: ﴿أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ﴾ العامَّةُ على الإِفراد. وابنُ أبي عبلةَ «حُجُبٍ» جمعاً. وهذا الجارُّ يتعلَّقُ بمحذوفٍ تقديرُه: أو يُكَلِّمَه مِنْ وراء حجاب. وقد تقدَّم أن هذا الفعلَ معطوفٌ على معنى وَحْياً أي: إلاَّ أَنْ يوحيَ أو يكلِّمَه. قال أبو البقاء: «ولا يجوزُ أَنْ تتعلَّق» مِنْ «ب» يُكَلِّمَه «الموجودةِ في اللفظِ؛ لأنَّ ما قبل الاستثناءِ لا يعملُ فيما بعد إلاَّ»، ثم قال: «وقيل:» مِنْ «متعلِّقةٌ ب» يُكلِّمه «لأنه ظرفٌ، والظرفُ يُتَّسَعُ فيه».
قوله: ﴿مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب﴾ :«ما» الأولى نافيةٌ، والثانيةُ استفهاميةٌ. والجملةُ الاستفهامية معلِّقَةٌ للدِّراية فهي في محلِّ نصبٍ لسَدِّها مَسَدَّ مفعولَيْنِ. والجملةُ المنفيةُ بأَسْرِها في محلِّ نصبٍ على الحالِ من الكافِ في «إليك». قوله: «جَعَلْنَاه» الضميرُ يعودُ: إمَّا ل «رُوْحاً» وإمَّا ل «الكتاب» وإمَّا لهما؛ لأنَّهما مَقْصَدٌ واحدٌ فهو كقولِه: ﴿والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢].
وقرأ ابن حوشب «لتُهْدَى» مبنياً للمفعول. وابن السَّمَيْفَع «لتُهْدي» بضم التاء وكسر الدال مِنْ أهْدَى.


الصفحة التالية
Icon