و «آمنين» حالٌ مِنْ فاعلِ «يَدْعُون» كما تقدَّمَ، أو صفةٌ ل «آمِنين» أو مستأنفٌ. وقرأ عمرو بن عبيد «لا يُذاقون» مبنياً للمفعول.
قوله: ﴿إِلاَّ الموتة الأولى﴾ فيه أوجهٌ، أحدُها: أنَّه منقطعٌ أي: لكنْ الموتةُ الأولى قد ذاقُوها. الثاني: أنه متصلٌ وتَأَوَّلوه: بأنَّ المؤمنَ عند موتِه في الدنيا بمنزلته في الجنة لمعاينة ما يُعْطاه منها، أو لِما يَتَيَقَّنُه مِنْ نعيمِها. الثالث: أنَّ «إلاَّ» بمعنى سِوى نقله الطبريُّ وضَعَّفَه. قال ابن عطية: «وليس تَضْعيفُه بصحيحٍ، بل هو كونُها بمعنى سِوى مستقيمٌ مُتَّسِقٌ». الرابع: أن «إلاَّ» بمعنى بَعْد. واختاره الطبريُّ، وأباه الجمهورُ؛ لأنَّ «إلاَّ» بمعنى بعد لم يَثْبُتْ. وقال الزمخشري: «فإنْ قلت: كيف اسْتُثْنِيَتِ الموتةُ الأُولى المَذُوْقَةُ قبلَ دخول الجنةِ مِنَ الموتِ المنفيِّ ذَوْقُه؟ قلت: أُريدَ أَنْ يُقالَ: لا يَذُوْقون فيها الموتَ البتةَ، فوضع قولَه ﴿إِلاَّ الموتة الأولى﴾ مَوْضِعَ ذلك؛ لأنَّ الموتَةَ الماضيةَ مُحالٌ ذَوْقُها في المستقبل فهو من بابِ التعليقِ بالمُحال: كأنَّه قيل: إنْ كانت الموتةُ الاُولى يَسْتقيم ذَوْقُها في المستقبلِ؛ فإنَّهم يَذْوْقونها في الجنة». قلت: وهذا عند علماءِ البيانِ يُسَمَّى نَفْيَ الشيء بدليلِه. ومثلُه قول النابغةِ:

٤٠٢٢ - لا عَيْبَ فيهم غيرَ أنَّ سيوفَهُمْ بهنَّ فُلولٌ مِنْ قِراعِ الكتائبِ
يعني: إنْ كان أحدٌ يَعُدُّ فُلولَ السيوفِ مِنْ قِراع الكتائب عَيْباً فهذا


الصفحة التالية
Icon