ابنُ العِلْجِ»، ثم ذكر عنه كلاماً كثيراً في تقرير ذلك ثم قال: «والذي يَظْهَرُ أنه لا يجوزُ»، يعني ما جَوَّزه الزمخشريُّ قال: «لأنَّها بمعنى التصييرِ ولا يجوزُ:» صَيَّرْتُ زيداً أبوه قائمٌ «لأنَّ التصييرَ انتقالٌ من ذاتٍ إلى ذاتٍ، أو من وصفٍ في الذاتِ إلى وصفٍ فيها. وتلك الجملةُ الواقعةُ بعد مفعولِ» صَيَّرْت «المقدرةُ مفعولاً ثانياً ليس فيها انتقالٌ مما ذكرْنا فلا يجوز». قلت: ولِقائلٍ أَنْ يقولَ: بل فيها انتقالٌ مِنْ وصفٍ في الذاتِ إلى وصفٍ فيها؛ لأنَّ النحاة نَصُّوا على جوازِ وقوع الجملةِ صفةً وحالاً نحو: مررتُ برجلٍ أبوه قائمٌ، وجاء زيدٌ أبوه قائم. فالذي حكموا عليه بالوصفيَّةِ والحاليةِ يجوزُ أَنْ يقعَ في حَيِّز التَّصْيير؛ إذ لا فَرْقَ بين صفةٍ وصفةٍ من هذه الحيثيَّة.
الثالث: أن تكونَ الجملةُ حالاً، التقدير: أم حَسِبَ الكفار أَنْ نُصَيِّرهم مثلَ المؤمنين في حالِ استواءِ محياهم ومماتِهم، ليسوا كذلك بل هم مُفْترقون. وهذا هو الظاهر عند الشيخِ. وعلى الوجهين الأخيرين تكونُ الجملةُ داخلةً في حَيِّز الحُسْبانِ. وإلى ذلك نحا ابن عطية فإنه قال: «يَقْتضي هذا الكلامُ أنَّ لفظَ الآية خبرٌ، ويظهر أنَّ قولَه: ﴿سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾ داخلٌ في المَحْسَبَةِ المُنْكَرَةِ السيئةِ، وهذا احتمالٌ حسن والأولُ جيدٌ» انتهى. ولم يبين كيفيةَ دخولِه في الحُسْبانِ، وكيفيَّةُ أحدِ الوجهين الأخيرَيْن: إما البدلِ وإمَّا الحاليةِ كما عَرَفْتَه.
وقرأ الأعمشُ «سواءً» نصباً «مَحْياهم ومَماتَهم» بالنصب أيضاً. فأمَّا «سواءً» فمفعولٌ ثانٍ أو حالٌ كما تقدَّم. وأمَّا نصب «مَحْياهم ومماتَهم» ففيه وجهان، أحدهما: أَنْ يكونا ظَرْفَيْ زمانٍ، وانتصبا على البدلِ مِنْ مفعولِ «


الصفحة التالية
Icon