تعالى: ﴿فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ﴾ [الرحمن: ٥٢] وقَدَّره بعضُهم: صِنْفٌ، والأولُ أليقُ. والثاني: أن: «مِنْ» مزيدةٌ في المبتدأ.
قوله: «ومَغْفِرَةٌ» فيه وجهان، أحدُهما: أنه عطفٌ على ذلك المقدر لا بقَيْدِ كونِه في الجنة أي: ولهم مغفرةٌ، لأن المغفرةَ تكون قبلَ دخولِ الجنة أو بُعَيْدَ ذلك. ولا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مضافٍ حينئذٍ أي: ونعيمُ مغفرةٍ؛ لأنه ناشِئٌ عن المغفرةِ، وهو في الجنة.
والثاني: أن يُجْعَلَ خبرُها مقدَّراً أي: ولهم مغفرةٌ. والجملةُ مستأنفةٌ. والفرقُ بين الوجهَيْنِ: أنَّ الوجهَ الذي قبل هذا فيه الإِخبارُ ب «لهم» الملفوظِ به عن سَنَنِ ذلك المحذوف، و «مغفرةٌ»، وفي الوجه الآخر الخبر جارٌّ آخرُ، حُذِفَ للدلالةِ عليه.
قوله: «كمَنْ هو» قد تقدَّم أنَّه يجوزُ أَنْ يكونَ خبراً عن «مَثَلُ الجنة» بالتأويلَيْن المذكورَيْن عن ابنِ عطيةَ والزمخشريِّ. وأمَّا إذا لم نجعَلْه خبراً عن «مَثَلُ» ففيه أربعةُ أوجهٍ، أحدها: أنَّه خبرُ مبتدأ محذوفٍ تقديرُه: أحال هؤلاء المتَّقين كحالِ مَنْ هو خالدٌ. وهذا تأويلٌ صحيحٌ. وذكر فيه أبو البقاء الأوجهَ الباقيةَ وقال: «وهو في موضعِ رفعٍ أي: حالُهم كحالِ مَنْ هو خالدٌ في النارِ.
وقيل: هو استهزاءٌ بهم. وقيل: هو على معنى الاستفهامِ، أي: أكمَنْ هو خالدٌ. وقيل: في موضعِ نصبٍ أي: يُشْبِهون حالَ مَنْ هو خالدٌ في النار «انتهى. معنَى قولِه:»
وقيل هو استهزاءٌ «أي: أن الإِخبار بقولِك: حالُهم كحالِ مَنْ، على سبيلِ الاستهزاءِ والتهكُّمِ.


الصفحة التالية
Icon