وقرأ عليٌّ وجعفرُ بن محمد بضمِّ الياءِ، مضارعَ أَعْلم. ويحتمل أَنْ يكونَ مِنْ عَلِم بمعنى عَرَفَ، فلمَّا جِيْءَ بهمزةِ النقلِ أَكْسَبَتْها مفعولاً آخرَ فَحُذِفَ. ثُم هذا المفعولُ يُحتمل أَنْ يكونَ هو الأولَ أي: لَيُعْلِمَنَّ اللَّهُ الناسَ الصادقين، وليُعْلِمنَّهم الكاذبين، أي: بشهرةٍ يُعْرَفُ بها هؤلاءِ مِنْ هؤلاء. وأن يكونَ الثاني أي: ليُعْلِمَنَّ هؤلاء منازِلَهم، وهؤلاءِ منازلَهم في الآخرةِ. ويُحتمل أَنْ يكونَ من العلامةِ وهي السِّيمِياء، فلا يتعدَّى إلاَّ لواحدٍ. أي: لنجعلَنَّ لهم علامةً يُعرفون بها. وقرأ الزهريُّ الأولى كالمشهورةِ، والثانيةَ كالشاذة.
قوله: ﴿أم حَسِبَ﴾ :«أم» هذه منقطعةٌ فتتقدَّرُ ب بل والهمزةِ عند الجمهورِ، والإِضرابُ انتقالٌ لا إبطال. وقال ابنُ عطية: «أم» معادِلَةٌ/ للألفِ في قولِه «أَحَسِبَ»، وكأنَّه عَزَّ وجَلَّ قَرَّر الفريقين: قرر المؤمنين على [ظَنِّهم أنَّهم] لا يُفْتَنُون، وقَرَّر الكافرين أنهم يَسْبِقُون عقابَ اللَّهِ «. قال الشيخ:» ليسَتْ معادِلةً؛ إذ لو كانت كذلك لكانَتْ متصلةً. ولا جائزٌ أَنْ تكونَ متصلةً لفَقْدِ شرطَيْن، أحدهما: أنَّ ما بعدَها ليس مفرداً، ولا ما في قوته. والثاني: أنَّه لم يكن هنا ما يُجابُ به مِنْ أحد شيئين أو أشياء.
وجَوَّز الزمخشريُّ في «حَسِبَ» هذه أَنْ تتعدَّى لاثنين، وجعل «أنَّ» وما


الصفحة التالية
Icon