بالدعاء المحال لديه، ونسبتهم زيغ القلوب إليه، وهذا عندهم كالافتراء عليه، ولا يعتبرون أن الله جل جلاله ما مدحهم إلا بالحق ولا دعوه إلا بالصدق، فإنه مزيغ القلوب وهاديها فسألوه التثبيت على الإيمان بما أخبر عنهم في صدر المدح حيث يقول: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) خشية أن يلحق قلوبهم زيغ يسلك بهم سبيل الزائغين من المتبعة متشابه القرآن الموصوفين بالفتنة في ابتغائه. فأي حجة تلتمس أوضح من هذه لو أضربوا عن اللجاج، ولم يصروا على البهت والعناد، وهل دون ما شرحناه في هذا الفصل إشكال، أو تناقض أو محال، أوليس ما مدح به الراسخون - في هذه الآية - الراهبون من الزيغ بعد الهداية يوافق ما كان رسول الله - ﷺ -، يدعو به، فيقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك " فقالت له امرأة من نسائه: أو تخاف علينا وقد آمنا بك وبما جئت به، فقال: " إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أن يقيمها أقامها وإن شاء أن يزيغها أزاغها.