مفعولين - ولكنه يكسره من جهتين:
إحداهما: أن ضوء الشمس ونور القمر خلقة فيهما ونعوت من نعوت ذاتهما، وليست رفعة متبعي عيسى على الذين كفروا خلقة فيهم ولا نعتا من نعوت ذاتهم، فالصيرورة تحسن فيما ليس من نعوت الذات، ولا تحسن في النعوت الذاتية.
والأخرى: أن هذا الملطف أراد أن يجعل الفرق بين الجعلين بذكر المتعدي إنما المفعولين ذريعة إنما نفي الخلق عن القرآن، إذ الجعل فيه متعدي إلى مفعولين، وقوله: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ)
متعدي إلى مفعول واحد وأصل القرآن ليس بمخلوق، ثم صير عربيا، كما يحتمل أن تكون الشمس خلقت غير مضيئة، ثم صير لها ضوء، ولكنه كلام الله غير مخلوق، أنزله بلسان العرب، ليفهم عنه كما أنزل التوراة بالعبرانية والإنجيل بالسريانية، ليفهم كل عنه، وبأي لسان أنزل كتبه فهي غير مخلوقة.
والنكتة التي هي أم الاحتجاج في نفي الخلق عن القرآن وسائر الكتب المنزلة هي تثبيت الكلام على الخالق، والدالة على أنه متكلم، فإذا أخذ اعتراف المنكر بهذا استغني به عن سائر الحجج، إذ الكلام يكون نعتا من نعته ولا يقدر الخصم على أن يقول بخلقه، فنفي الخلق عن القرآن بما خرج من معنى الجعل دعامة تضعف عند الاحتجاج، وللجعل