محالة، إذ العقول نائية عن ذلك من حيث أطباع بشريتها.
وإن قال: ذلك غير ممكن في العقول ولكنه ممكن في قدرة الخالق من حيث لا ارتياب فيه ولا رد لقوله، ولا مزالا عن ظاهرة بالتأويلات المنكرة.
قيل: وكذلك التصور في عقولكم من عذاب من أضل، وقضيت
عليه المعصية والكفر بصورة الجور في علم الخالق - عدل لا ريب فيه، ومسلم فيه له من أن يزال لفظ عن ظاهره، أو يتأول عليه تأويل تدفعه اللغة والنظر معا، وقد حوى فصل غير هذا صنيعه، جل وعلا، بالبهائم في الفلوات ومرض الصغار وتخويل بعضه بعضا والمخول عاص، والخول مطيع، وأشباه ذلك مما لا يتصور في عقول الخليقة بصورة عدل، وهو عدل لا شك فيه وعلم كل هذا عنا موضوع، والفكر في كيفيته مرفوع.
رد على القدرية والمعتزلة:
قوله (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ)