فإن قيل: فقد قال بعد هذه الآية التي احتججت بها: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا)
فنسب الاستزلال إلى الشيطان والكسب إليهم.
وقال في سورة البقرة: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ).
قيل: قد تقدم قولنا في أن الفعل منسوب إلى فاعله، والقضاء إلى
الله جل الله.
وذكرنا في بعض فصول هذه السورة، ما أخبر عن عيسى ابن مريم
أنه يبرئ الأكمه والأبرص منسوبا إليه.
ولا شك أن الله مبريها مع أنه قد قال - عز وجل - في سورة الأنفال: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى)
فأزال بذلك كل ريب، والملك إذا عاقب عبدا على يدي بعض عبيده، فهو معاقبه وإن لم يتول بيده، ألا تراه يقول في سورة التوبة: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ)