وسماهم مسارعين في الكفر إذا اقتصروا على القول دون القلوب.
وإن كان لا يكون الإيمان بالإقرار وحده حتى تساعده القلوب، فقد أقروا بأن العمل من الإيمان، إذ تصديق الضمير فعل من القلب بإجماع الأمة لا ينكره منكر، والقلب أحد أركان الجسد، بل ملكها ورئيسها، والقول شيء، لا يضاف في الجسد إلا إلى اللسان وحده، إذ لا سبيل إلى الإيجاد إلا به، فما بالهم ينكرون تسمية العمل إيمانا، وقد سموه هذه التسمية التي لا تشكل على أحد ينظر فيها، وما بال عمل بعض الجسد يستحق اسم الإيمان ولا يستحقه سائرها من سائره، وهل إطلاق القول في الشهادة وضمير القلب على صدقه إلا من المفترض الذي أمر الله عباده بالخروج إليه منه، فإذا ائتمروا له سمي ذلك الائتمار منهم إيمانا، وتكون الصلاة والزكاة أمرا مثلهما.
فإذا ائتمر مؤتمر بأدائهما لم يسم ايتماره إيمانا، هل هذا الأمر إلا من التحكم الصراح الذي لا التباس فيه،.
فإن استحسن مستحسن منهم أن يكابر عقله، ويجحد خصمه ما يشهد العيان له بصحته، ويتصور بصورة المجانين عند جميع العالم، فيزعم أن ضمير القلب على الشيء وقوله له ليس بعمل يضاف إليه، ويضاف بطش اليد إليها، ويكون من عملها، أو يزعم أن ضمير القلب جزء من أجزاء القول الذي لا سلطان لغير اللسان