بتركها عاصون، وعلى إضاعتها معاقبون، وهم مع ذلك مسلمون، ومن أنزلت فيهم الآيات يهود ونصارى لا يرتاب بكفرهم جميع أهل النحل. أيجوز لمتوهم يتوهم أنهم قبل أن يحكموا رسوله الله - ﷺ -، ويدعوا حكم التوراة يكونوا كافرين، ولا ضرهم رد نبوته وجحود رسالته، فاستوجبوا الكفر بترك حكم التوراة في الزمنين، كما تزعمون أن الموحد من المسلمين يكفر بترك حكم الله إلى ضده.
فإن قالوا: إن هذا يجوز توهمه وتحققه بان كفرهم وكفيت مؤنتهم.
فإن قالوا: بل كانوا قبل الحكم برد النبوة كفارا فصار تغييرهم الحكم زيادة في كفرهم، قيل لهم: فما وجه تكفيركم من قبل نبوة محمد - ﷺ - وصار بها مسلما - بتركه استعمال حكم الله. أيكون زيادة في كفر ليس فيه، أم يكون مضموما إلى إسلام ليس من جنسه، أم يحبط إحسان عمر طويل بإساءة لحظة، ويهدم به ما أصلتموه في باب العدل. أم تكون نفس واحدة كافرة بإساءتها مؤمنة بإحسانها، تستوجب بنصيب إيمانها الخلود في الجنة، وبنصيب كفرها الخلود في النار، هذا - والله - أفحش مقال وأقبح انتحال.
فإن قال الشراة: ليس من النصفة أن تحتج علينا بأن الآية نزلت في الرجم الذي أدته إليك الأخبار، ونحن لا نؤمن بها.