الفاعل مضاف إليه وإن كان التسيير والمنع من غيره.
وهذا غير مستحيل في معقولهم أيضا لو تدبروه، لأنهم يجدون عبدا مخلوقا فيه آلة فعل لا يقدر مع منع مالكه عليه، فإذا أطلقه له ففعله كان الفعل منسوبا إلى الفاعل لا إلى المطلق، والأمر غير الإطلاق، فإذا أمر المخلوق - الذي يجوز في صفته العدل والجور ويكونان جميعا منه - عبده بما لا يستطيع فعله، ثم عاقبه على تركه كان جائزا عليه.
إذ غير محال في صفة المخلوق أن يبتدئ بالجور وبالعدل ويختم بهما، وجائز أن ينظر في عدله وجوره مخلوق مثله، فيعرف جوره من عدله ولا يخفى عليه شيء من طريقهما، لأنه وإن خفي على واحد عرفه الآخر، وإذا كان ذلك من الخالق الذي لا يجوز في صفته الجور لم يجز أن يكون معدوما منه إلا في العدل وإن تصور بغيره، إذ المتصور في العقول من ضد العدل يقمعه إحالة نسبة الجور إليه.
ونفي هذا الفعل عنه يدفعه إنزاله في كتابه وإخباره متفرجا به عن نفسه ولم يكن تنزيهنا له عن نسبة ما لا نعقل من عدله إليه بأحق من تنزيهه


الصفحة التالية
Icon