فإن قال هذا القائل: نعم - ولابد من نعم - قيل له: أراك قد برأت الكافر من كفره، وأزلت عنه الحول والقوة في الوصول إلى الكفر إلا بتلك الإرادة التي لا يقدر على الكفر إلا بها، وتلك الأداة - لا محالة - من صنع الخالق فيه.
فإن قال: لا أقول خلقت المشيئة فيه مختارة، بل أقول: إنها خلقت
فيه لأن يؤمن فكفر. واحتج بقول الله تبارك وتعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)
فقد أخبر نصا أنه خلقهم لعبادته جميعا فعبد بعضهم غيره
قيل: هذه آية فيها - لا محالة - خصوص، ألا ترى الأطفال والمجانين قد شملهم اسم الخلق، ولم يشملهم اسم العبادة لعجزهم عنها، وهذا مثل ما ذكرنا في سورة البقرة (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ)