فليس يخلو من أن يكون كل قادرا على ما نسب إليه، وفاعلا لما أخبر عنه أو يكون بعضهم لبعض تبعا فيه فاعلا بقوة غيره، فليختر أي الوجهة شاء، إذ لا ثالث لهما.
فإن كان كل مضلا، كما أخبر عنه ظاهر القول، فقد أقر بأن الله مضل بعد ما أنكره.
وإن زعم: أن معه من يفعل مثل فعله في الإضلال، فإن اختار أن يكون بعضهم لبعض تبعا، وبقوة صاحبه فاعلا فليس يقدر أن يقول: إن الله - جل وعلا - تبع للشيطان، والآدمي فيه، وفاعل بقوتهما. فيحصل عليه أنهما لله تبع، وبقوته يضلان. وعجزهما عن الإضلال بقوة أنفسهما غير مؤثر في عبوديتهما.
ونسبة الله إلى العجز في الإضلال إلا بقوتهما كفر لا محالة.
وهكذا قوله: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ)، وقوله: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) هو بمشيئة الله لا محالة لقوله: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)
، (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا)