فليس لهم أن يحتجوا على الله - جل وعلا - بما لم يطلعهم عليه من عدله، ونحن لا نقول أن لأحد من خلق الله أن يعول على هذا القول، وإن كان حقا، لأنه مأمور بغيره ومطالب بإقامة ما لا يقيمه سواه مما يؤثر فيه ويؤجر عليه.
* * *
قوله تعالى: (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) - والله أعلم - في استشعار نفعهم بهذه الحجة وهي غير نافعة لهم، وكيف ينفعهم، وهو يقول على إثرها: (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)، فهذا يبين - بلا إشكال - أن وجه إنكار مقالتهم عند احتجاجهم به لا نفس القول.
قال محمد بن علي: وبلية القوم إضاعة النصح لدين الله، واتخاذ كل
ما احتمله ظاهر الكلام دينا، ولا يحفلون بتناقضه عليهم، ولا يعرفون مع ذلك سعة لسان العرب وتصاريف الكلام وتعارضه، إذ في الكلام ما يحتمل وجوها مستعملة كلها، وفيه ما يحتمل وجهين لا يجوز استعمال أحدهما، وفيه ما لا يجوز استعمال ظاهره بتة.