والمقلد غير مجتهد فيكون معذورا بتحمل خطأ غيره إلا أن يكون غير مميز فلا بد للأعمى من اتباع البصير.
فإن كان ممن يضبط السماع ويعرف مراتب الرجال ولا يميز نفس المحكوم فيه قلد الأقرب فالأقرب من العلماء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقلد أهل زمانه إذ هم على مقدار ما يشهد له نظره أجدر بالإصابة وآمن ممن بعدهم.
وإن كان لا يعرف مراتب الرجال، ولم يضبط السماع قلد آمن أهل
زمانه وأشهدهم وأشهرهم وأرفعهم ذكرا بالعلم والإشارة إليه في بلده وغير بلده مشافهة، أو قابلاً من آمن أمثاله عنده إذا عجز عن الوصول إلى مشافهته، ولم يسعه قبول الفتوى من كل من أسرع إليها ولا ممن عرفه بالصلاح إذا لم يكن له شهرة في العلم مقصودا إليه فيه، ولن يعدم مثل هذا في كل عصر إن شاء الله.
* * *
قوله: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ)
حجة على القدرية والمعتزلة، لأنه جل وتعالى نسب الافتراء والكذب إليهم وسماهم بذلك ظالمين، ثم أخبر عما ينالهم من نصيبهم من الكتاب وليس يخلو هذا النصيب المضاف إليهم من أن يكون نفس ما أتوه أو عقوبته وأيهما كان فهو قبل العمل والعمل جار عليه لا محيص لفاعله.