فإن قالوا: لا يعصمه منه، بل يكله إلى استطاعة نفسه، قيل: وهو
قادر على غلبته فيما يريد من تفتينه أم لا،
فإن قالوا: قادر رجعوا فيما يلزمهم من أن مسألتهم ومسألة يوسف
صلى الله عليه وسلم مسألة محال.
وإن قالوا لا يقدرون، أقروا بما يراد لهم من أن انتزاع الإسلام الذي دعوا بتركه في أيديهم غير مأمون، وسواء خيف ذلك من قبل الله أو من قبل عدو هو مالكه، وقادر على أن يمنعه من ظلم من يريد تفتينه فلا يمنعه بل كان قادرا على أن لا يخلقه مسلطا ولا متسلطا، فخلقه كيف شاء لماشاء ووضع عنا تفتيشه.
في نفي الخلق عن القرآن ورؤية الرب تعالى في الآخرة:
* * *
قوله: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ)
حجة على الجهمية واضحة، إذ لو كان القرآن مخلوقا كما يزعمون لكان " وكلمه كلام ربه " فإن الله جل وتعالى قادر على أن ينطق كلاما هو خالقه بكلام غيره، كما ينطق من شاء من الحيوان والموات وغير ذلك من خلقه. وقد أخبر عن نفسه جل وتعالى كما ترى أنه قال لموسى، صلى الله
عليه وسلم، وأجابه موسى، وليس في قوله عز وجل: (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي)


الصفحة التالية
Icon