فإن احتجوا بقوله: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ)
قيل لهم: كيف تدركه وهو محتجب عنها،!
فإذا ظهر لهم في الآخرة كما ظهر للجبل في الدنيا نظروا إليه، فإن كنتم تنكرون الظهور فقد دللنا على بطلان قولكم بآيتين.
وإن كنتم تزعمون: أنه وإن ظهر لهم، فنظروا، لم يبصروه، فهذا مستحيل في العقول أن تنظر عين إلى شيء غير مستور، والعين مبصرة فلا تبصره، والعقول عندكم أكبر الحجج، وإن كنتم تنكرون الإحاطة به فنحن نوافقكم عليه، فنقول: الإحاطة غير النظر، لأنا نرى السماء ولسنا نحيط بجميعها.
وقد يجوز أن يكون لا تدركه الأبصار بمعنى لا تحيط به، وأولى المعنيين به - والله أعلم - الأول، أن تحجبه عن الأبصار حقبة ولا يحجب الأبصار عنه شيء لأن الحجب لا تحجب الخلق عنه كما تحجبه عنهم، وقد قال تبارك وتعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)


الصفحة التالية
Icon