بما يغني عن إعادته
من أن الفتن لو كان بمعنى الاختبار كان فتونا لا فتنة.
ويقال لهم: لا تعدوا الفتنة في هذا الموضع إلا اختبارا، كيف اختبرهم باتخاذ العجل - وهو: شرك - وهم قبل اتخاذه مؤمنون، أأخرجهم من الإيمان إلى الشرك لينظر كيف تمسكهم بالشرك وكيف صبرهم عليه، كما يختبرهم بالأوجاع، والمصائب والأنفس، لينظر كيف يصبرون ويشكرون، هذا ما لا يعرف وجهه، ألا تراه - جل جلاله - يقول: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)، وقال: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (٣١)
فالاختبار هذا وجهه الذي يعقل.
وبعد: فإن الاختبار نفسه على جميع تصرف وجوهه لو تدبروه، لما خرج لهم في باب العدل مخرجا ما يعقلونه بعقولهم، إذ ليس يخلو المختبرون بالمصائب من أن يجروا فيها على سابق علم مختبرهم بها أو على حادث.