حجة عليهم لأنه جمع بين فعل المنسلخ من الآيات، وبين تسوية الشيطان له، وذكر فعله قبل ذكر مشيئته فيه وبعده، وأخبر أنه لو شاء رفعه بالآيات ولم يصفه بما لم يرتضه من أفعاله، فهل يرتاب منصف متيقظ مضرب عن اللجاج والعصبية أن نسبة الفعل إلى فاعله ليس بمؤثر في القضاء والقدر، ولا القضاء والقدر بمسقطي اللوم عن الفاعلين أفعالا نهوا عنها، وأنهم جانون بفعل أفعال وإن كانت قد قضيت عليهم، وإن الله - جل جلاله - ليس بظالم لهم فيما أعد لهم من العقوبة عليها وإن كان قضاها عليهم، ولا بجائر فيما أمرهم به من اجتناب ما لايستطيعون الاحتراز منه إلا بعصمته والمسارعة إلى ما لا يقدرون عليه إلا بمعونته، وأن الذي بقي عليهم من تقرر صحة هذا عندهم رفض مفتاح الجهل الذي يريدون به فتح مغالق عدله الذي لا وصول إليه بعقول ناقصة، وهو مع ذلك - جل ثناؤه - عدل صادق غير نسي، أفيجمع كل ما ذكرناه في صدر الفصل في آية واحدة ولا تكون حقا، والقائل به لا يكون على هدى، هل الصدود عن هذا إلى غيره إلا من الجهل الغالب أو الكفر المصرح.
المعتزلة:
* * *
قوله: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٧٨)


الصفحة التالية
Icon