المولودَ بين أبوينِ مؤمنينِ يكون مؤمنا، وهذا مولود طبع كافرا، وأبواه
مؤمنان، وليس في ذلك ارتياب بتة لإباحة قتله، ولإخبار الكفر عنه
بلفظه. فلو لم يكن من الحجة عليهم إلا هذا الغلام المخلوق كافرًا.
وإباحة قتله قبل بلوغ الحنث وجري القلم عليه، والسلك به غير
مسلك أبويه لكفى، فأين تحذلقهم، وادعى الفلسفة في معرفة عدل
الله عندهم بعقولهم الناقصة العاثرة، وهل يقدرون في هذا الموضع إلا
على التسليم لعدل لا يعرفونه ضرورة، فيلزمهم أن يسلموه في باب
القضاء والقدر ضرورة، أو يكفرون بالقرآن وينسبون الخضر - صلى
الله عليه - إلى أنه قتل في الحقيقة نفسا زكية بغير نفس كما رأى
موسى - صلى الله عليه - من ظاهر فعله، وكيف لهم بذلك -
ويلهم - وقد سلمه موسى للخضر وعلم أنه الحق. ثم أخبر الله نبيه -
صلى الله عليه - وأنزله في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِن
خلفه من غير إنكار عليه، بل أخبر أنه فعل بأمره تبارك وتعالى حيثما يقول
إخبارًا عنه - صلى الله عليه -: (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٨٢)


الصفحة التالية
Icon