في فطرة عقولكم فيه، وسلمتم صرفته من العادل الذي يعرف كنهه
سلمتم من جميع هذه المناقضات.
وبعد فلو جاز أخذ معرفة العدل من الخالق بفلسفة المتفلسفين.
وعقول العاثرين لكان من أمحل المحال أن يكون فعل واحد - وهو
القتل - معدودا في حال مدحا وفي حال ذما، وفي حال طاعة.
وفي حال معصية من فاعله، ووقوعه بالمفعول في حال سعادة وفي
حال شقاوة، ولكن أحكام الله لا تضاهى بالرد، ولا تقابل
بالفلسفة، ويؤمن بجميعها مسلما للخالق فيها علما من المؤمن بأنه -
جل وتعالى - عدل كيف قضى وحكم، وأثاب وعاقب لا معقب
لحكمه وهو سريع الحساب.
ذكر الرجوع من الخبر إلى المخاطبة.
* * *
وقوله: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا)
حجة في الرجوع من الخبر إلى المخاطبة، ولو لم يجز ذلك لكان:
يعرف في وجوه الذين كفروا المنكر.
وفيه دليل على أن أهل الباطل تضيق صدورهم من الحق.