انصرم مدة الأجل المضروب لهم فيها، فاستوجبوا الهلاك حينئذ، ولم
يستوجبوا قبله بأول عمل عملوه.
فإن قالوا: ليس بأجل مضروب لهم قبل العمل، ولكنها عدد أعمال
إذا عملوها استوجبوا الإهلاك، أحالوا معنى الآية ونقضوا قولهم في باب
الوعيد إذ من قولهم: إن الخلود واجب في النار على من مات بغير توبة
من ذنب واحد، كما يستوجب بِعِداد ذنوب، وقد أخبر الله نصا كما
ترى أنه لم يهلك قرية قط إلا بأجل معلوم، فالأجل إذًا على زعمهم
مجهول غير معلوم وفي تسميته الأجل بالمعلوم أكبر الدليل على أنه قبل
العمل لو تميزوه. إذ من قولهم: إن أعمال العباد غير مخلوقة، وهي
مبتدعة باختيار عامليها إن شاءوا عملوهها، وإن شاءوا تركوها.
فهل يجوز أن يكون لمن هذه سبيله أجل معلوم في الهلاك، والهلاك
عقوبة ذنب عامله مستطيع لتركه.
هذا ما لا يذهب على أفهام الفهماء إذا نظروا فيه بحسن روية، ونفاذ
بصيرة.