له ولغيره بإباحته إذ أوى فيهما السائل إلى التعبد لا إلى النظر إلى غيره بغير
نفع أو ضر ليست بموثرة في درجات المتوكلين، بل هي زيادة في
درجاتهم لإقامة تعبد بينهم وبين متعبدهم، والقلوب ساكنة سكون
طاقتها، وإقامة الاجتهاد في رعايتها، إذ قد عفا لهما عما ليس
في طبع بشريتها من هواجس الخاطر عليها من حيث لا يملكه، ولم
يستعبد من صرفه بأكبر من كراهته.
ذكر من تطوع بعمل لآخر.
* * *
وقوله تعالى: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)
دليل على أن من تطوع بعمل لآخر فعليه أن يعطيه أجره، إلا أن
يمتنع من أخذه، ويحتمل أن لا يكون فرضا، ولكنه في أخلاق المروة
والديانة أن يعرض عليه فإن امتنع العامل كان صاحبه قد قضى ما عليه
من حق المروة والديانة.