وتزيين الشيطان تبعا لتزيينه، وإضلاله وصده عن سبيل الله تبعا لإضلاله
وصده. لا يعتبرون أن الله - جل جلاله - أخبر عن نفسه بإنجاء لوط ومن
أنجى معه فقال: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (٥٧).
وعن إمطاره على من كفر من قومه مطر السوء، ثم أخبر في هذه الآية عن رسله إليهم أنهم قالوا له: (إِنَّا مُنَجُّوكَ)
ولم يقولوا: إن الله منجيك، وقالوا: (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ) وليس يخلو بتة من أن تكون الرسل مأمورين بإنزال الحجارة، وإنجاء لوط، فكانوا هم المنزلين ذلك بأمر ربهم، أو غير مأمورين. فلما لم يجز أن لا يكونوا مأمورين، لأنهم لا يكذبون، وبأنفسهم من غير أمر لا يقدرون - حصل أنهم قالوا ذلك بأمره، وفعلوه بتسليط، وقد أخبر الله به عنهم وعن نفسه.
أفليس إن جعلنا فعل الله تبعا لفعلهم كفرنا، وإن جعلنا فعلهم تبعا
لفعل الله صح لنا.
إن الله وإن أخبر بالفعل عن فاعل فهو مؤهله ومقويه عليه، وفاعله
بإرادته ومشيئته كما نجى الرسل لوطا ومن معه، وأنزلوا الرجس على من
هلك من قومه بإرادة الله ومشيئته. وكذا قال تبارك وتعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ثم قال: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ)