قيل لهم: أفيقدر بعد ما يقع اختياره على أحدهما أن لا يعمل ويعمل الآخر.
فإن قالوا: بلى.
قيل: فالاختيار بعد حادث في العزم على الكسب، لا في الكسب
نفسه والله يقول: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا)، ولم يقل:
ماذا تعزم على كسب غد. مع أن الخلاف بيننا وبينهم في الكسب لا في
العزم.
فيقال لهم: فبد لهذا العزم من أن يكون له آخر يودي إلى كسب.
فإن قالوا: لابد من ذلك.
قيل: أفليس هذا الذي لابد منه يعلمه الله منه قبل غدِ كيف يكون.
فلا بد من الإقرار به.
فيقال: أفليس إن لم يعمله وعمل غيره قد عمل خلاف ما علمه ربه.
فإن قالوا: بل لابد لمن أن يعمل ما علمه ربه ولا يقدر على خلافه.
وكل ما عمله فهو الذي علمه.
قيل: فعمل معصية وقد أقررت بأن كل ما عمله فهو الذي منه علمه.
ولم يجد بداً من عمله. ومع ذلك فقد أمره بان لا يعملها. فليس دون هذا