الله لا يعلم الشيء إلا بعد حدوثه، وهذا كفر بنفسه، إذِ العلم بالشيء
بعد حدوثه يستوي فيه الخلق والخالق، والعالم والجاهل.
وإن قالوا: قبل حدوثه.
قيل لهم: فكيف استطاع طارح النطفة في رحمها ألا يطرحها، وقد
عَلِم الله أنه سيطرحها ويخلق منها خلقًا، بل كان علمها قبل حملها وقد
أكد ذلك في قوله: إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير.
وفي تفسير قوله: (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ)
وهذا المولود مُعمَّر أو مُنقص عمره قطع لكل لُبسة في أن خلقه في
كتاب، وإذا كان خلقه في كتاب فلا محالة فعل خلقه في كتاب.
وفاعله غير قادر على الفرار منه، إذ محال أن يقضي الله خَلْقَ خَلْقٍ في
كتابه فلا يخلقه، أو يستطيع أحد دفعه،