لهم ما أنهضهم إليه، ويثني عليهم بما وفقه لهم، ويسره عليهم حتى
فعلوه.
ألا تراه يقول: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ).
وقد قال: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) فأثنى عليهم بفعل حقيقته منه، وبقوته وعونه فأضاف إليهم في حال، وكتب لهم به عملاً صالحًا، وكل هذا رد على المعتزلة والقدرية في أن الفعل وإن نسب إلى فاعله فحقيقته من عند خالقه، وما يثيب المحسن عليه فضل، وما يعاقب المسيء عدل. ولم، وكيف، منقطعان في الحالين معًا، إذ ليس للعبد أن يعترض على
خالقه في أحكامه، والخالق يفعل ما لا يبلغه علم عبيده، وعليهم
التسليم به على ما تصرفت أحكامه في أفهامهم، وعقولهم الناقصة
ولذلك - والله أعلم - قال: (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ).
* * *
وقوله: (وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥)
(الهاء) - والله أعلم - راجعة على جنس الثمر.