أمر الدين، وعول على التقليد أداه إلى ما لا تحمد عاقبته، ولا يرتضى
طريقه، كما أدى هؤلاء حين لهوا عن آيات الرسل، وما أتوهم به
من الحق عن ربهم، فظنوا أن آباءهم أصدق من رسلهم، وأعرف
بمواضع الحجة من أنفسهم.
المعتزلة.
* * *
وقوله: (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)
حجة على المعتزلة في خلق الأفعال، لأن الله - جل جلاله - لم يخلق
الصنم صنما منحوتا صورة كما خلق سائر الصور، والقوم لم يعبدوا ما
نَحتوا منه الصنم كهيئة ما خلقه الله. فكيف يجوز أن يكذب عليهم
إبراهيم - ﷺ - مع نبوته وخلته، فيوبخهم على ما لم
يفعلوا. إذا القوم لم يعبدوا حجرا، ولا خشبا قبل النحت، وإنما
وبخهم على ما فعلوا، وفعلهم في العبادة واقع على صورة الصنم لا
على الشيء الذي نحت منه الصنم، فليس يخلو قوله: (وَمَا تَعمَلُونَ)
من أن يكون واقعا على نص النحت وهو عمل، أو عليه وعلى غيره