عن نفسه، وعن عَدوه الشيطان، أخبر به في هذا الموضع عن الهوى
وأخبر بعد الهوى عمن له الهوى بأنه يضل هو عن الهوى. فأي شيء
يلتمس أوضح من هذا، وهل يكون كل من أخبر عنه بذلك إلا تَبعا
له، إذ لا يجوز بتة أن يجعل تبعا لهم، فقد بَان كل البيان أن الضلال
مقضي به على صاحبه أضيف إليه أو إلى غيره.
* * *
قوله: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)
حجة لمن يجعل القرآن نصب حججه في أحكام إسلامه، وشرائع دينه
وانتزاعاته في جميع علومه، فمن تدبر آياته أدته إلى حقائق الأحكام.
وتذكر أولي الألباب لا يكون إلا به، وكذا قال: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥)، ولهما أشباه في القرآن.