يأتي عليهم فيخلقهم، ويفنيهم، فأخبر الله - تبارك وتعالى، عنهم -
أن هذا ظن يظنونه، وليس كذلك، بل الله مهلكهم، وقال على إثره:
(قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ)
قيل: فما وجه حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر".
قيل: وجهه أن القوم كانوا - في جاهليتهم - يقدرون أن المصائب
التي تصيبهم، هي من فعل العمر بهم ولا يعلمون أن لهم صانعا يفعل بهم
ذلك، ويصيبهم بالسراء والضراء، وكانوا يسمون عمر الدنيا الدهر.
فلما أسلموا كانت ألسنتهم جارية بعادتهم، فكانوا يسبون الدهر عند
الشدائد تصيبهم، والمصائب تنزل بهم، فنهاهم رسول الله، صلى
اللَّه عليه وسلم، أن يسبوا الدهر، الذي لا صنع له فيهم، وهو مدبَّر
معهم، فقال: "لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر" أي فإن الذي
يفعل ذلك بكم هو الله - جل وعلا - فسماه بالدهر، لدوامه لأنه
الأول، والآخر، لا انقطاع له، ولا زوال لملكه، سبحانه.


الصفحة التالية
Icon