عمل الصالحات، ولا ترى مؤمنا - وإن أذنب - إلا وقد فعل كل هذا
وزيادة، وقال - في الفرقة الأخرى -: (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا)
فحق الوعيد عليهم بتعريتهم من الإيمان، فمن أوجب الله له الفوز.
ووعده الإدخال في رحمته فقد أمن مثوى الآخرين، وجزاءهم.
فإن أوجدونا في القرآن - كله - أن الله لم يوجب الرحمة، والفوز.
والجنة إلا لمن لم يعصه طرفة عين، أو عصاه فمات تائبًا، فالقول
قولهم، وإلا فليقروا أن الخلود لا يجب على من آمن، وعمل
الصالحات، وليعلموا أن هذا العادل - الذين يدعون الفلسفة في
معرفة عدله - لا يضيع إيمان مؤمن، وصالح عمله بذنب أذنبه.
فيسوي بينه وبين الكافر، الذي لم يؤمن طرفة عين، ولا عمل من
صالح عمله شيئًا، وما بال القضاء بالذنوب يُنفى عن الله - جل
وتعالى - محاماة على عدله عندهم، ولا يُنفى عنه التسوية بين المؤمن.
والكافر في الخلود، وما بال إيمان الكافر - إذا آمن لحظة -
يستعلي على كفره جميع عمره، وإحسان المؤمن - عمره - لا يستعلي
على ذنب أذنبه؟! ومع إحسانه إيمانه. ألِأَنَّ الذنب أعظم من