وفي قوله: (بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) - والله أعلم - ضمير كأنه " ويقال لهم: بشراكم اليوم ".
* * *
قوله: (يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ)
دليل على أن القول وإن كان اختبارًا في موضع فغير
مانعة من أن يكون معنى غير الاختبار - أيضا - إذ محال أن يكون
المنافقون اختبروا أنفسهم في الدنيا بنفاقهم، فهو الآن رد على المعتزلة
والقدرية في تأويلهم إياه اختبارًا في كل موضع، وامتناعهم من إجازة غيره عليه، وكذلك قوله: (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)، إذ قد أخبر بالغرة عن الأماني، ثم أخبر بها عن الغرور وهو الشيطان، وقد أخبر بها في موضع آخر عن الدنيا، وهو قوله: (ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا)، وإذا كان كذلك فغير ممتنع أن يخبر بالإضلال عن نفسه لهم، وإن كان قد أخبر به في الشيطان مرة وعن المضلين
أخرى، فيكون فعل المخلوق أبدًا تبعًا لفعل الخالق، ولا يكون فعل