الخلق بعضهم ببعض في باب العدل والتوحيد وغيره، أفسائغ في
عقولكم - ليت شعري - أن يتواعد رجل عبده بضرب على فعل إن
فعله، فيتقدم بين يدي نهيه يفعل ذلك الفعل، فإن ضربه ثم خلاّه عد
كذبا عليه، وخلفا لوعيده، لتخليته بعد ضريه، ولا يكون -
عندكم - صادقًا، ولا منجبزا وعيده إلا بتتابع الضرب وسرمدته عليه
عمره! كما يزعمون: أن من أدخله الله - بعدله - نار جهنم عقوبة
على خطيئته، ثم أخرجه بعد استيفاء عقوبة خطيئته أنه مخُلف لإيعاده
أَوَ سائغ - في عقولكم - إذا حلف رجل على عبده أن يسجنه، فسجنه يومًا، أو ساعة ثم خلاه أن تكون يمينه باقية عليه حتى
يخلده في السجن،! وأشباه ذلك، أو تتبصرون فتعلمون أن الضرب
إذا وقع بالعبد الموعَد به، وأطلق من السجن - بعد وقوع الحبس
عليه - بر الحالف ووفى الموعِد، وأن الله - جل جلاله - إذا أدخل
المذنب ناره فقد وفى بوعيده، فإذا أخرجه بعد استيفاء جزائه لم يكن
ذلك مؤثرًا في وعيده
فإن قالوا: فقد قال الله - تبارك وتعالى -: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا).
قيل: المعصية قد تكون في الكفر، وتكون في الذنب، إذ معنى
المعصية عصيان من أَمر بشيء، ونَهَى عن شيء، فتعدى أمره ونهيه.
فلما كانت المعصية - المصروفة إلى الذنب غير مبطلة لقوله:


الصفحة التالية
Icon