فإن سوّى بينهما وقال: هذا -أيضاً - اختيار لا فرض، قابل الأمة
بالخلاف، إذ لا نعلم أحدًا يعده خلافًا يشك في أن إتيان الجمعة.
وترك البيع فرض، لا اختيار.
وإن قال: لا يدل هذا على الاختيار.
قيل له: ولا ذاك يدل، إنما معناه - والله أعلم - أن غسلك بعد
وجود الماء خير من أن تبقى بعد زوال رخصة التيمم، على حال لا تكون
لك صلاة مستقبلة، وكذاك هو ها هنا: إن طاعتكم للَّه - جل وتعالى -
في ترك البيع، وإتيان الجمعة خير لكم من معصيته في ترك الجمعة.
والاشتغال بالبيع، والله أعلم.
وهذا، وإن كان بذكر الخير قد تشاكلا، فإنهما في المعنى قد اختلفا
بما تقدمهما من الكلام، إذ المتَيَمَّم قد شهد له بالطهارة، وأقيم
مقام الوضوء، عشر من سنين، وأدّى فرضه - فيه - فصار ذكر الخير له
فضيلة بيقين، والساعي إلى الجمعة، وترك البيع - حينئذ - إن لم يسع.
ولم يترك البيع كان عاصيًا فصار ذكر الخير له فريضة بيقين.
ترك لفظ الظاهر:
* * *
وقوله: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)


الصفحة التالية
Icon