سماه حديثًا، لأنه يتلى فيه الأنباء والقصص، والمواعظ، وغير ذلك، لا أنه أحدثه إحداث الخلق، كما يزعم الجهلة من الجهمية.
ولا يعلمون أن من لم يكن له عهد بشيء، ثم عهده كان ذلك المعهود
حديثًا عنده، لا أنه كان عدمًا فخلق.
والعجب أنهم لا يقولون، ولا يؤمنون بشيء يخرج عن فطن
العقول، ثم يزعمون أن القرآن كلام مخلوق، فكيف يأمر وينهى
الكلام بكلام، إنما يأمر وينهى المتكلم بكلامه، افعل ولا تفعل.
ولكن من شاء أن يجنن نفسه جننها، نعوذ بالله من العمى بعد
البصيرة.
والذي يزيل الريب عن الحديث أنه لا يكون بمعنى المخلوق
والمصنوع في كل موضع.
قوله عز وجل في سورة الجاثية -: (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦)، فسمى نفسه وآياته - معًا - حديثًا.
فهل بقي بعد هذا لهم مقال يتعلقون به، - ويلهم - لو تبصروا، ولم يجهلوا، أو يتجاهلوا.