قال الخليل: الضرب يقع على جميع الأعمال إلا قليلاً، تقول: ضرب في التجارة، وضرب في الأرض، وضرب في سبيل الله، وضرب بيده إلى كذا، وضرب فلان على يد فلان إذا أفسد عليه أمراً أخذ فيه وأراده. وضرب الأمثال إنما هو جعلها لتسير في البلاد، يقال: ضربت القول مثلاً، وأرسلته مثلاً وما أشبه ذلك.
والبعوض: القرقس، وهو هذا الذي يسميه العامة (البق) واحدة بعوضة، قال العجاج.
وصرت عبداً للبعوض أخصفا
وفوق: ظرف: وهو نقيض تحت.
فصل:
ومما يسأل عنه أن يقال: قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً) [البقرة: ٢٦] أنه جواب ما إذا؟
الجواب للعلماء فيه قولان:
أحدهما: ما ذكر عن ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهما - أن الله تعالى لما ضرب المثلين قيل هذه للمنافقين يعني قوله: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) [البقرة: ١٧]، وقوله: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ) [البقرة: ١٩] قال المنافقون: الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال. فأنزل الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) [البقرة: ٢٦] إلى قوله (أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [البقرة: ٢٧]، والمعنى على هذا: أن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً بالصغير والكبير إذا كان في ضربه بالصغير من الحكمة ما في ضربه بالكبير. ويروى عن الربيع بن أنس أن