ذلك يؤدي إلى الكذب، والقرآن منزه عن ذلك.
ويقال: ما معنى: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ ؟ وفيه جوابان:
أحدهما: أن يكون المعنى: بخير منها لكم في التسهيل والتيسير، كالأمر بالقتال الذي سهل على المسلمين في قوله: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾ [الأنفال: ٦٦]، أو مثلها، كالعبادة بالتوجه إلى الكعبة بعدما كان إلى بيت المقدس.
والثاني: أن يكون المعنى بخير منها في الوقت الثاني، أي: هي لكم في الوقت الثاني خير من الأولى لكم في الوقت الأول أم مثلها في ذلك، وهو: معنى قول الحسن، كأنَّ الآية في الوقت الثاني في الدعاء إلى الطاعة والزجر عن المعصية مثل الآية الأولى في وقتها، فيكون اللطف بالثانية كاللطف بالأولى، إلا أنه في الوقت الثاني يستقيم بها دون الأول، والجواب الأول معنى قول ابن العباس.
* * *
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ١٣٠]
يقال: رغبت في الشيء أحببته، ورغبت عنه كرهته، والملَّة: الدين.
وفي (إبراهيم) أربع لغات: إبراهيم، وإبراهام، وإبراهِم، وإبرلاهَم.
والاصطفاء: افتعال، من الصفوة، والطاء مبدلة من تاء الافتعال؛ لأن الطاء تشبه الصاد في الاستعلاء والإطباق، وهي من مخرج التاء، فاختاروها ليكون العمل من جهة واحدة. والسَّفة: الخفة. والمعنى: ومن يَمِلْ عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه.
واختلف في ﴿سَفِهَ نَفْسَهُ﴾، فقال الأخفش: أهل التأويل يزعمون أن


الصفحة التالية
Icon