والجواب: أنه يجوز أن يكون ظرفاً، والعامل فيه فعل مضمر يدل عليه ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: ١٨٣] كأنه قال: الصيام أياماً معدودات، ولا يجوز أن يعمل فيه ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ﴾ ؛ لأن فيه التفرقة بين الصلة والموصول؛ لأن ﴿كَمَا كُتِبَ﴾ في موقع المصدر، وكذلك لا يجوز أن يعمل فيه ﴿الصِّيَامُ﴾ الذي في الآية لهذه العلة، ويجوز أن يكون مفعولاً على السعة، كقولك: اليوم صمته، وكأنه قال: صوموا أياماً معدودات.
وقال الفراء: هو "مفعول لما لمْ يسمَّ فاعله". وخالفه الزجاج في ذلك، ومثله الفراء بقولك أعطي زيد المال. قال الزجاج: لأنه لا يجوز عنده رفع الأيام كما يجوز رفع المال، وإذا كان المفروض في الحقيقة هو الصيام دون الأيام، فلا يجوز ما قاله الفراء إلا على السعة.
* * *
قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: ١٨٥].
الشهر: معروف، وجمعه في القلة أشهر، وفي الكثرة شهور، وأصله: من الاشتهار، وأصل رمضان الرمض، وهو شدة وقع الشمس على الرمل وغيره. كذلك قال ابن دريد: واشتقاق رمضان من هذا؛ لأنهم سموا الشهور بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق أيام رمض الحر، وقالوا في جمعة: رمضانات. ، انشد صاحب العين:


الصفحة التالية
Icon