فصل:


ويسأل بم ارتفع ﴿رِبِّيُّونَ﴾ ؟. وفيه جوابان؟
أحدهما: أنه مفعول لم يسم فاعله لـ (قُتِلَ)، وهذا يجئ على مذهب الحسن؛ لأنه قال: لم يقتل نبي قط في معركة.
والثاني: أنه مبتدأ و ﴿مَعَهُ﴾ الخبر، كأنه قال: قُتل ومعه ربيُّون. وموضع قوله: ﴿مَعَهُ رِبِّيُّونَ﴾، نصب على الحال من المضمر في (قُتل) أي: قُتِلَ ذلك النبي وعه الربيون، وهذا يجئ على معنى قول أبي إسحاق وقتادة والربيع والسُّدي. ويجوز أن يرتفع ﴿رِبِّيُّونَ﴾ بالظرف الذي هو ﴿مَعَهُ﴾ وهو مذهب أبي الحسن.
ويجئ أيضا على مذهب سيبويه؛ لأن الظرف إذا اعتمد على ما قبله جاز أن يرفع. والربيون: العلماء، هذا قول ابن عباس والحسن، وقال مجاهد وقتادة الجموع الكثيرة.
* * *
قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٨٠]
قرأ حمزة ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ﴾ بالتاء وفتح السين؛ وقرأ الباقون بالياء. فمن قرأ بالتاء فالفاعل المخاطب وهو النبي - ﷺ - و ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ مفعول أول لـ ﴿تَحْسَبَنَّ﴾ و ﴿خَيْرًا لَهُمْ﴾ المفعول الثاني.
و ﴿هُوَ﴾ فصل، وأهل الكوفة يسمونه عمادا، وفي الكلام حذف تقديره: ولا تحسبن يا محمد بخل الذين يبخلون خيرا لهم. وإنما احتجت إلى هذا المحذوف ليكون المفعول الثاني هو الأول في المعنى؛ لأن هذه الأفعال تدخل على المبتدأ والخبر، والخبر هو المبتدأ في المعنى إذا كان الخبر مفرداً.


الصفحة التالية
Icon