قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣].
خفتم: من الخوف، والخوف والخشية بمعنى. والإقساط: العدل.
ويسأل عن اتصال هذا الكلام بعضه ببعض، كيف يصح؟
وفي هذا جوابان.
أحدهما: أن المعنى: فإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، فكذا خافوا في النساء، وذلك أنهم كانوا يتحرجون في يتامى النساء ولا يتحرجون في النساء، وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة والسُّدي والضحاك والربيع.
والجواب الثاني: أن المعنى: وإن خفتم إلا تقسطوا في نكاح اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء غيرهن. وهذا قول عائشة والحسن، وبه قال أبو العباس.

فصل:


ومما يسأل عن قوله: ﴿مَا طَابَ لَكُمْ﴾، كيف جاءت ﴿مَا﴾ هاهنا، والموضع موضع (مَنْ) ؛ لأن (ما) لما لا يَعْقْل، و (مَنْ) لمن يَعقِل؟
والجواب: أن ﴿مَا﴾ هاهنا مصدرية، كأنه قال: فانكحوا من النساء الطيب، أي: الحلال. وهذا مجاهد وبه أخذ الفراء.
ويروى عن مجاهد أيضاً: فانكحوا النساء نكاحاً طيباً. قال أبو العباس: ﴿مَا﴾ هاهنا للجنس، كقولك: ما عندك؟ فالجواب: رجل أو امرأة.
وقيل: لما كان المكان مكان إبهام جاءت ﴿مَا﴾ لما فيها من الإبهام، كما تقول العرب: خذ من عبيدي ما شئت.
وأما ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ فمعناه: اثنين اثنين، وثلاثاً ثلاثاً، وأربعاً أربعاً، فعدل عن


الصفحة التالية
Icon