ونصب ﴿مَثَلًا﴾ ؛ لأنه تفسير للمضمر في ساء وبيان، وتقديره: ساء المثل مثلاً. وفي الكلام حذف آخر تقديره: ساء المثل مثلاً مثل القوم، ثم حذف المثل الأول لدلالة المنصوب عليه، وحذف الثاني وأقام المضاف إليه مقامه للإيجاز ولأن المعنى مفهوم.
* * *
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ [الأعراف: ١٩٠].
الإيتاء: الإعطاء.
وقرأ نافع وعاصم من طريق أبي بكر ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَا﴾، وقرأ الباقون ﴿شُرَكَاء﴾، وأنكر بعضهم القراءة الأولى، وقال لو كان (شِرْكاً) لقال: جعلا لغيره شِرْكاً؛ لأنه بمعنى (النصيب).
والجواب عن هذا أن الزجاج قال الممعنى: ذا شركٍ، كما قال: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٧]. وقيل: هو على التفحيش، أي: كان له شركاً، والشرك: مصدر، والشركاء: جمع شريك، ككريم وكرماء.
ويسأل: إلى من يرجع الضمير في ﴿جَعَلَا﴾ ؟
وفيه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنه يرجع إلى النفس وزوجها من ولد آدم لا إلى آدم وحواء، وهو قول الحسن وقتادة.
والثاني: أنه يرجع إلى الولد الصالح، بمعنى المعافاة في بدنه، فذلك صلاح في خلقه لا في دينه، وثنى؛ لأن حواء كانت تلد في كل بطن ذكراً وأنثى.
والثالث: أنه يرجع إلى آدم وحواء، فإنهما جعلا له شريكاً في التسمية، وذلك أنهما