والثاني: أنهم كرهوا قبل أن يعلموا أن الله تعالى أمر به، أو أن النبي - عليه السلام - عزم عليه، فلما علموا أرادوه.
والقول الأول أبين، لقوله تعالى: ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾ [الأنفال: ٦].
* * *
قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمُ﴾ [الأنفال: ١٧].
يقال: بم قتلهم الله تعالى؟
والجواب: بإعانته للمؤمنين، وإلقاء الرعب في قلوب المشركين، وجاء في التفسير عن ابن عباس والسُّدي وعروة: أن النبي - ﷺ - قبض قبضة من التراب فرماها في وجوههم وقال: (شَاهَتِ الوجُوه) فبثها الله على أبصارهم حتى شغلهم بأنفسهم.
ويقال: كبف جاز نفي الفعل عنه، وقد فعل؟
وفي هذا جوابان:
أحدهما: أنه أثبته تعالى لنفسه لقوة السبب المؤدي إلى المسبب.
والثاني: أنه أثبته النبي - عليه السلام - بالاكتساب، ونفاه عنه؛ لأنه الفاعل في الحقيقة فأثبته لنفسه تعالى.
* * *
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢].
جاء في التفسير أن القائل هو: (النضر بن الحارث بن كلدة) ويروى ذلك عن سعيد بن جبير ومجاهد. وذلك أنه قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر