والجواب الثاني: أن (اولا) بمعنى (ما) للنفي، وهذا قول ذكره ابن النحاس، ولم أسمع غيره، والتقدير على هذا: ما كانت قرية آمنت فنغعها إيمانها إلا قوم يونس.
ويسأل عن هذا الاستثناء ما هو؟
والجواب: أنه استثناء منقطع في اللفظ؛ لأنه بعد ﴿قَرْيَةٌ﴾، متصل في المعنى إذ المعنى: فلولا كان أهل قرية.
ويونس اسم أعجمي لا ينصرف للعجمة والتعريف، وليس من الأنس والاستئناس وإن وافق اللفظ اللفظ.
* * *
قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٠٤].
الشك: التوقف بين الحق والباطل، والدين هاهما: الملًّة.
ومما يسأل عنه أن يقال: لم قال: ﴿إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي﴾ وهم يعتقدون بطلان هذا الدين؟ وعن هذا ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن يكون التقدير: من كان شاكاً في أمري وهو مصمم على أمره فهذا حكمه.
والثاني: أن يكون المعنى أنهم في حكم الشاك لاضطراب أنفسهم عند ورود الآيات.
والثالث: أن يكون فيهم الشاك وغير الشاك، فجرى على التغليب.
وهذه الأقوال كلها عن أصحاب المعاني.
زيقال: لمَ جعل جواب ﴿إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ﴾ (لا أعبُدُ)، وهو لا يعبد غير الله شكوا أو لم يشكوا؟
والجواب: أن المعنى لا تطمعوا أن تشككوني بشككم حتى أعبد غير الله كعبادتكم، كأنه قال: إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين يعبدون من دون الله بشككم.