قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: ٥١]
الطيبات هاهنا: الحلال، وقيل: الطيبات ما يستلذ، فعلى الوجه الأول يكون أمراً واجباً، وعلى الثاني يكون أمراً على طريق الإباحة.
والأصل في (كلوا) (أؤكلوا)، فكره اجتماع همزتين، فحذفت الثانية استثقالا لها؛ لأن الثقل بها وقع، فوليت همزة الوصل متحركا فحذفت للاستغناء عنها.
واختلف في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ﴾ [المؤمنون: ٥١] :
فقيل: هو خطاب لعيسى - عليه السلام -، وهو خطاب لواحد، كما تخاطب الواحد مخاطبة الجمع: نحو قولك للواحد: يا أيها القوم كفوا عنا أذاكم.
وقيل هو للحكاية لما قيل لجميع الرسل.

فصل:


ومما يسأل عنه أن يقال: ما موضع (إِنَّ) من قوله: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [المؤمنون: ٥٢] ؟ وفيها جوابان:
أحدهما: أ، موضعها نصب، والتقدير: ولأن هذه أمتكم، فهي مفعول له.
والثاني: أن موضعها جر على العطف على قوله: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المؤمنون: ٥١].
وفي قوله: ﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ﴾ [المؤمنون: ٥٢] تقوية لقول سيبويه في قوله: ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: ٣]، وعطفه على موضع ﴿أَنَّ﴾، وموضع


الصفحة التالية
Icon