روى الفراء عن الكسائي عن عيسى الهمداني قال:
لم أسمع المشيخة يقرؤونها إلا بالتخفيف على نية الأمر، قال: وهي حرف عبد الله بن مسعود "هلا تسجدون" بالتاء، فهذا تقوية لقوله: (ألا يا) ؛ لأن قولك: (ألا) تقوم بمنزلة قولك: قم، وفي حرف أبي "ألا تسجدون"، قال: وهو وجه الكلام؛ لأنها سجدة.
ومن قرأ "ألا يسجدوا" فشدد، فلا ينبغي لها أن تكون سجدة؛ لأن المعنى: وزين لهم الشيطان ألا يسجدوا، فعلى هذا القول يكون موضع (أن) نصبا على البدل من ﴿أَعْمَالَهُمْ﴾.
وقال علي بن عيسى المعنى: وزين لهم الشيطان أعمالهم لئلا يسجدوا.
وقيل موضع (أن) جر على البدل من ﴿السَّبِيلِ﴾، كأنه قال: فصدهم عن أن يسجدوا، و (لا) على هذا الوجه زائدة.
* * *
قوله تعالى: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٢٩]
يسأل عن معنى قوله: ﴿كَرِيمٌ﴾ ؟
وفيه أجوبة:
أحدها: أنه مختوم وذلك لكرمه.
والثاني: أنه جعلته كريما لكرم صاحبه، فإنه من عند ملك:
والثالث: أنه حقيق بأن يؤمل الخير العظيم من جهته.
والرابع: أن الطير حملته وذلك لكرمه.
والخامس: أنه جعلته كريما من قبل أن صاحبه يعطيه الجن والإنس.
وقيل: أنها قالت كريم قب أن تعلم أنه من سليمان، قال الفراء: ولا يعجبني ذلك؛ لأنهم زعموا أنها كانت قارئة قد قرأت الكتاب قبل أن تخرج إلى ملئها.