اللام في ﴿لِيَكُونَ﴾ لام كي، أي: لكي يكون لهم، إلا أنه أخبر بعاقبة الأمر، ولهذا يسميها بعض النحويين (لام العافية)، ويسميها قوم (لام الصيرورة)، أي: فصار لهم عدواً، ومثل هذه اللام قولهم: تلد للموت، ويبني للخراب، أي: هذا عاقبة ما تلم وما يبني، وهذه اللام (لام الجر) دخلت على الفعل فأضمر بعدها (أن) ليكون (أن مع الفعل) بتأويل المصدر، والمصدر اسم، وتكون اللام داخله على اسم؛ لأنها من عوامل الأسماء، ويجوز إظهار (أن) مع هذه اللام، تقول: جئتك لأن تكرمني وما أشبه ذلك.
قال ابن إسحاق: التقطوه ليكون لهم ولداً فكان عاقبة أمره أن كان لهم عدواً وحزناً.
قال قتادة في قوله: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [القصص: ٩] أن المعنى فيه: أنهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه.
* * *
قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ [القصص: ٣٣]
جاء في التفسير أن موسى - عليه السلام - أخذ بلحية فرعون وهو صغير، فقال فرعون لامرأته: هذا الذي نخافه أن يذهب بملكنا، ألا تري ما فعل؟ فقالت: إنه صغير لا يعقل ما يفعل، ولكن ألق بين يديه ذهباً وجمرةً من النار، فإن أخذ الذهب كان كما قلت، وإن أخذ الجمرة علمت أنه يفعل ما يفعله بغير عقل، ففعل فرعون ذلك، فأراد موسى أن يأخذ الذهب فصرفه عنه جبريل - عليه السلام -، فأخذ الجمرة فأحرقت يده فجعلها في فيه فلذلك صار لا يفصح، وهو معنى قوله تعالى: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي﴾ [طه: ٢٧] ؛ لأن تلك العقدة حدثت من الجمرة.