والجواب: أنهما قطعتا من الإضافة، وتضمنتا معناها، فصارتا كبعض الاسم وبعض الاسم لا يعرب فوجب البناء لأنه ليس بعد الإعراب إلا البناء، وحركتا لالتقاء الساكنين.
فأما الضم ففيه أربعة أقوال:
أحدها: أنهما لما قطعتا من الإضافة جعلتا غايتين فأعطيتا غاية الحركات وهي الضمة.
والثاني: أنه لما كان لهما في الأصل تمكن بنيا على الضم إشعاراً بذلك، كما فعلوا بالمنادى. ألا ترى أنهما يعربان إذا أضيفتا أو نكرتا كما يفعل بالمنادى.
والثالث: أن الضم لا يدخلها في حال الإعراب، وإنما يدخلهما الفتح والكسر في النصب والجر فلما بنوهما أعطوهما حركة لا تكون لهما في حال تمكنهما.
والراع: أنهما لما قطعتا من الإضافة ضعفتا فقويتا بالضمة.
فهذه أربعة للبصريين؟ فأما الكوفيون فلهم قولان:
أحدهما: أنهما لما تضمنتا معناهما في أنفسهما ومعنى المضاف إليه قويتا بالضمة، وهذا قول الفراء وقد طرده في أشياء: من ذلك أنه قال ضم أول فعل ما لم يسم فاعله؛ لأنه يدل على نفسه وعلى الفاعل وضم (منذُ) لأنه يدل على معنى (منْ وإلى) لأنك إذا قلت: ما رأيته منذ يومين، فمعناه: ما رأيت من أول اليومين إلى آخرهما، وكذلك (نحن) ضم لأنه يقع على التثنبة والجمع.
والقول الثاني: أنهما لو فتحتا لأشبهتا حالهما متمكنتين، ولو كسرتا لأشبهت المضاف إلى المتكلم فأما السكون فلا سبيل إليه؛ لأن ما قبلهما ساكن، فلم يبق إلا الضم فأعطيتاه، وهذا قول هشام.