وعمراً أكرمته، والنصب أجود من الرفع؛ لأنك تعطف فعلاً على فعل، قال الربيع بن ضبع الفراري:
أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا
والذئب أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا
يريد: وأخشى الذئب أخشاه، وأما الرفع فهو عطف جملة على جملة وفي الكلام حذف، والتقدير: والقمر قدرناه ذا منازل، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، ولا يجوز أن يكون بلا حذف؛ لأن القمر غير المنازل وإمما يجري في المنازل، ولا يجوز أن تنصب ﴿مَنَازِلَ﴾ على الظرف؛ لأنه محدود والفعل لا يصل إلى المحدود إلا بحرف جر نحو: جلست في المسجد، ولا يجوز: جلست المسجد، وإنما يصل الفعل بغير حرف إلى الظرف المبهم نحو: أمام ووراء وفوق وتحت ويمنة ويسرة وما كان في معناها.
* * *
قوله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ [يس: ٥١-٥٢].
الصور: قرن من نور ينفخ فيه يوم القيامة، واشتقاقه من: صرت الشيء أصوره، أي: أملته وعطفته، كأنه قال: يميل الناس إلى الحشر ويعطفهم.
وقيل: الصور جمع صورة بمعنى الصور، والمعنى: ينفخ في صور بني آدم، وأصل الصورة أيضاً من الميل؛ لأنها تمال إلى هيأة من الهيئات.
والأجداث: القبور، واحدها: جدث، هذه لغة أهل العالية، وأهل السافلة يقولون (جدف).